الأخبار

الثلاثاء، 22 يناير 2013

الفوائد السيوطية على شرح الآجرومية [مقدمة]

الفوائد السيوطية على شرح الآجرومية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحمد لله رب العالمين ربي لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت علي نفسك فلك الحمد حتى ترضى وصلِّ اللهم ربنا على محمد النبي وآله وصحبه وسلم .
ثم أما بعد فهذا تعليق علي متن الآجرومية جمعه طويلب يبتغى الاستزادة والاسترجاع ولعله ينتفع به معي غيري وفيه نوع استرسال آثرت فعله - فلعله حسن - وأساله التوفيق في الإخلاص والعمل  .
ـــــــــــــــــــــ
مدخل
وهذه مقدمة أرى أنه من الأحرى تعلمها لمبتغي البداية (أمثالي) في علم النحو :
حد اللغة :
-   اللغة : هي ألفاظ ( أي بصوت وحرف له معنى ) يعبر بها كل قوم عن مقاصدهم وحاجاتهم وهي وإن كانت مختلفة من حيث الألفاظ ( أعنى لغة كل قوم ) لكنها متوافقة المعاني إجمالا فالأغراض واحدة والتعبير عن طلبها يختلف من لغة لأخرى وقد تتعدد اللهجات في اللغة الواحدة ويصحبها اختلاف يسير في الألفاظ غالباً كما قد نزل القرآن بسبعة أحرف وهو بلغات العرب ( كلغة قريش وحمير وتميم وخزاعة وصعصعة بن عامر ...) ويحصل هذا الإختلاف غالبا بين المدن والقبائل  .
-   وقال ابن جني في الخصائص إنها ( أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم وهذا حد دائر على محدوده محيط به لا يلحقه خلل إذ كل صوت يعبر به عن المعنى المتصور في النفس لغة وكل لغة فهي صوت يعبر به عن المعنى المتصور في النفس وأما وزنها وتصريفها وما تحلل إليه من الحروف وتتركب عنه فهي فعلة مركبة من ل، غ، و، ه. ) أهـ

ــــــــــــ
مصادر اللغة من حيث الإحتجاج :

- ما جاء في كتاب الله تعالى فقد نزل بلسان العرب وقد أعجز العرب فصاحة وبلاغة وبياناً , قال تعالى : وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195)الشعراء , ولم يستطع المشركون أن يردوه أو يشككوا في كونه عربياً مبيناً لم يشبه شائبة , وغاية ما قالوه إنه سحر وإنه قصص الأولين وإنه كلام بشر  فما استطاعوا أن يطعنوا في لغته وبلاغته وفصاحته فهو كلام رب العالمين فتراهم يقولون :
 ( لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ [فصلت : 26 .فصارت حجيته إجماعاً  سواءً من مسلميهم أو كافريهم , ولذا تجد الفصحاء والبلغاء يتخذونه حجة في بيان ما يستعمله العرب من ألفاظ ومعاني , فضلاً عن كونه كلام رب العالمين وأصدق القائلين .
-  وكذا ما ثبت عن النبي الأمي محمد ( صلى الله عليه واله وصحبه وسلم ) قال تعالى : وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (4)
وعند مسلم :( فُضِّلْتُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ .... ) الحديث ,
- ويؤخذ من الأثار الثابتة عن القرون الأُوَل وقدامى العرب من منثورهم ومنظومهم[1] , ممن لم تتأثر ألسنتهم بلسان العجم .([2])
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سبب وضعها وواضعها[3].
وسبب وضعها : أنه لما كثرت الفتوحات واختلط العجم خشى أهل اللغة  ضياع اللغة مع مرور الوقت وتعاقب الأزمان خاصة بعدما رأى بعضهم بعض العُجمة في كلام عوام الناس وقد كانوا يتكلمونهاالعربية - بالسليقة لا يتكلفون فخشوا أن تفسد عليهم لغة القرآن فعملوا علي جمعها فبين جامع لكلام العرب في القواميس من المستعملات , وجامع للمفردات الشاذات , والقياسات , فجمعها في المعاجم ( القواميس ) وبين جامع لأصول العربية استقراءً من كتاب الله ورسوله ( صلى الله عليه وسلم ) وكلام العرب وأشعارهم كما تقدم , وغير ذلك من علوم اللغة , لكن علمي النحو والصرف هما الأكثر اهتماماً والأوفر حظاً وهما أهما علوم العربية واللذان إذا ما وقف عليهما طالب العلم سهل عليه بقية علومه بإذن الله تعالى .

أما واضعه ففيها جملة من الأقوال منها : إن واضعه هو علي رضي الله تعالى عنه , إذ خط فيه خطوطاً وجملة من أصول النحو ثم قال لأبي الأسود الدؤلي : انحُ هذا النحو فقام عليه(رحمه الله[4]) وقيل إن أبا الأسود مر علي رجل فرآه يقرأ قوله تعالي(... أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ ...) الآية يقرأ ( ورسوله )  بكسر اللام فيقول : ( أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولِهِ ) فعطف الرسول علي المشركين فكأن الله تعالى يبرأ من المشركين ومن الرسول ( معاذ الله ) ولاشك أن معناها أن الله ورسوله يتبرأن من المشركين فهاله ذلك فصنع ما صنع , وقيل أنه دخل على ابنته يوماً فرآها تنظر إلى السماء فقالت يا أبتاه : ما أجملُ السماء ؟ ( بضم اللام ) فقال : نجومُها . وقد أجابها لان وضع كلامها السؤال , فقالت : يا أبتاه ما هذا أردت , إنما أردت التعجب , فقال إذن افتحي فاكٍ , أي بفتح اللام في ما أجملَ السماء ! , فكان هذا وما علي شاكلته سبباً في الإهتمام بهذا العلم وسبباً في تدوينه والله تعالي أعلم  .
ـــــــــــــ
أصل اللغة :
-          المقصود من هذا معرفة ما إذا كانت اللغة توقيفية أم هي اصطلاحية :
-    قالت طائفة : هو توقيفي أي بتعليم من الله وأوقف الله تعالى خلقه على معاني تلك الألفاظ , منهم ابن فارس في فقه اللغة[5] , وعثمان ابن جني في الخصائص , وحكاه عن شيخه أبي علي الفارسي . ورجحه ابن قدامة في روضة الناظر قال : والأشبه أن تكون توقيفية , وحكى عن القاضي جوازه , واستدلوا بقوله تعالى : (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ) وفي حديث الشفاعة في الصحيحين ( وعلمك أسماء كل شيء ) . وما روى الطبري وغيره عن ابن عباس، قال: علم الله آدم الأسماء كلها، وهي هذه الأسماء التي يتعارف بها الناس: إنسانٌ ودابة، وأرض وَسهل وبحر وجبل وحمار، وأشباه ذلك من الأمم وغيرها .
-    وقال آخرون بل هي اصطلاحية , واختاره عبد القاهر الجرجاني في أسرار البلاغة , وجوزه الباقلاني فيما حكاه عنه ابن قدامة في روضة الناظر .
-    وجوز غيرهم كونها اصطلاحية , وكونها توقيفية , وكون بعضها توقيفية , وبعضها اصطلاحية , وكون بعضها ثابت قياسا , وعزاه ابن قدامة في روضة الناظر للقاضي ( لعله الباقلاني فإذا أطلق عند الأصوليين لفظ (القاضي) فهو ) .
-    وذهب بعضهم إلى أن أصل اللغات كلها إنما هو من الأصوات المسموعات، كدوي الريح، وحنين الرعد، وخرير الماء، وشحيج الحمار، ونعيق الغراب، وصهيل الفرس، ونزيب الظبي ونحو ذلك. ثم ولدت اللغات عن ذلك فيما بعد...) واستحسنه ابن جني  في الخصائص قال :  وهذا عندي وجه صالح، ومذهب متقبل ... )أهـ
-    قلت : لا غرابة أن يكون عنده وجهاً صالحاً متقبلاً فهو معتزلي يرى أن كل الأصوات مخلوقة ويرى القرآن كلام الله مخلوق خلق له صوتاً يعبر به عما في نفسه .
-    فائدة : قال ابن فارس في فقه اللغة : ( ولعل ظاناً يظنُّ أن اللغةَ التي دللنا على أنها توقيفٌ إنما جاءت جملةً واحدة، وفي زمان واحد؛ وليس الأمر كذلك؛ بل وقّف اللّه عزّ وجلَّ آدم عليه السلام على ما شاء أن يُعَلِّمه إياه؛ مما احتاج إلى علمه في زمانه، وانتشر من ذلك ما شاء الله؛ ثم عَلّم بعد آدم من الأنبياءِ - صلوات اللّه عليهم - نبيّاً نبيّاً ما شاء اللّه أن يُعَلِّمه، حتى انتهى الأمر إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؛ فآتاه اللّه من ذلك ما لم يُؤتِه أحداً قبلَه، تماماً على ما أحسنه من اللغة المتقدمة؛ ثم قرّ الأمر قَراره، فلا نعلمُ لغةً من بعده حدثَتْ، فإن تعمَّل اليوم لذلك متعمِّل وجدَ من نُقَّاد العلم من يَنْفيه ويَرُدّه،... ) أهـ بنصه . قلت : وهو كلام حسن موجه .
-          ذكر هذا الخلاف صاحب مراقي السعود فقال :
-          واللغة الرب لـهـا قد وضعا ........ وعزوها للإصطلاح سمعاٍ
فبالإشـارة وبالعيـــن .......... كالطفل فهم ذي الخفا والبين .-
-          الفائدة المبنية على الخلاف :
-          هل يرجى منها فائدة أو حكم شرعي ؟
-    فنفت طائفة حصول فائدة منها , قال ابن قدامة في روضة الناظر : إن هذه المسألة لا تدعوا لها حاجة , فالخوض فيها تطويل بما لا فائدة تحته , وقال بعض أهل الأصول : هي مسألة طويلة الذيل قليلة النيل .
-    وقال آخرون : يبنى على هذا الخلاف جواز قلب اللغة كتسمية الثوب فرسا مثلاً , وإرادة الطلاق والعتق بنحو : اسقنى الماء . قالوا فعلى أنها اصطلاحية يجوز لقوم أن يصطلحوا على تسمية الثوب فرساً , ولواحدٍ أن يقصد ذلك في كلامه , وعلى القول بالتوقيف لا يجوز ذلك , وذلك على الأول أيضاً يصح الطلاق والعتاق بـ كاسقنى الماء إن نواه به وعلى القول الثاني لا يصح ,.. )  قال الشنقيطي: ( وأشار إلى هذا في المراقي بقوله :  يبنى عليه القلب والطلاق..بكاسقني الشراب والعتاق .
-    قلت : يحسن بنا أن نقول : إن من قال بأنها توقيفية ما قصد كل اللغة , بل عنى بذلك ما يحتاجه الإنسان من ألفاظ ليعبر بها عن حاجته , وكذا ما كان من أمور الشريعة , ومن قال بأنها اصطلاحية فلا يعني بذلك جواز قلب الأسماء المتعبد بها أمرا أو نهياً , فبطلان ذلك مجمع عليه , ولذلك قال المازري : ( ومحل هذا الخلاف ما إذا لم يكن اللفظ متعبداً به كتكبيرة الإحرام , أما المتعبد به فلا يجوز فيه القلب إجماعا ,.)أهـ . [6]
ــــــــــــــــــ
أنواع علوم اللغة :
-    والعلوم العربية تشتمل علي ثلاثة عشر نوعاً وهي :
( الصرف , والإعراب _ وكان كلاً منهما ضمنا علم النحو _ والرسم والمعاني , والبيان , والبديع , والعروض , والقوافي , وقرض الشعر , والإنشاء , والخطابة , وتاريخ الأدب , وفن اللغة )
وأهم هذه العلوم علم الإعراب وهو علمي الصرف والنحو قديماً واستقل عنه علم الصرف عند المتأخرين فإطلاق الإعراب يعنى به النحو فقط عندهم  
-         
ـــــــــــــــــــ
والفرق بين علم النحو وعلم الصرف :
أن علم الصرف محله البحث عن الكلمة حال إفرادها , وهو علم بأصول تعرف بها صيغ الكلمات العربية وأحوالها التي ليست بإعراب ولا بناء , فهو علم يبحث عن الكلم من حيث ما يعرض له من تصريف وإعلال وإدغام وإبدال وبه يعرف ما يجب أن تكون عليه بنية الكلمة وهو يبحث في الإسم المتمكنالمعرب- والفعل المتصرف , فلا يبحث في الأسماء المبنية ولا في الأفعال الجامدة , ولا في الحروف .
أما الإعراب وهو ما يعرف مؤخراً بالنحو , هو علم بأصول تعرف بها أحوال الكلمات العربية من حيث الإعراب والبناء أي من حيث ما يعرض لها حال تركيبها , ومحله أخر الكلمة المركبة على حسب الجملة من رفع أو نصب أو جر أو جزم  - وهذا هو المعرب – أو لزوم حالة واحدة بعد انتظامها في الجملة وهو المبني .
ــــــــــــــــــــــــــــ
فائدة تعلم اللغة :
-    فائدته عظيمة جداً وهي عصمة اللسان , عن الخطأ , واللحن في الكلام أو الإملاء , فلا يستغنى عنه عالم ولا أديب , ولا مثقف ولا متحدث , ولا مترجم للغات أخر , وأعظم فوائده أنه سبيل عظيم لفهم كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم , وكفى بها من فائدة عظيمة جليلة .
-          قال ابن فارس في فقه اللغة :
( أقول: إن العلم بلغة العرب واجب على كل متعلق من العلم بالقرآن والسنة والفتيا بسبب ، حتى لاغناء بأحد منهم عنه. وذلك أن القرآن نازلٌ بلغة العرب، ورسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، عربي. فمن أراد معرفة ما في كتاب الله جل وعز، وما في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من كل كلمة غريبة أو نظم عجيب - لم يجر من العلم باللغة بُدّا.
ولسنا نقول: إن الذي يلزمه من ذلك الإحاطة بكل ما قالته العرب؛ لأن ذلك غير مقدور عليه، ولا يكون إلا لنبي، كما قلناه أولاً. بل الواجب علم أصول اللغة والسنن التي بأكثرها نزل القرآن وجاءت السنة. فأما أن يكلف القارئ أو الفقيه أو المحدث معرفة أوصاف الإبل وأسماء السباع ونعوت الأسلحة، وما قالته العرب في الفلوات والفيافي، وما جاء عنهم من شواذ الأبنية وغرائب التصريف - فلا. ... ) (1 / 10) [7]
ـــــــــــــــــــــــــــ
سعَة اللغة
-    قال ابن فارس في فقه اللغة: باب القول على لغة العرب، وهل يجوز أن يُحاط بها؟ قال بعض الفقهاء: كلامُ العرب لا يحيطُ به إلاّ نبيٌّ.- ثم قال - وهذا كلام حَرِيٌّ أن يكونَ صحيحاً، وما بَلَغَنا أن أحداً ممنْ مَضَى ادَّعى حفظَ اللغة كلِّها؛ فأما الكتابُ المنسوب إلى الخليل، وما في خاتمته من قوله: هذا آخرُ كلام العرب؛ فقد كان الخليلُ أورعَ وأتقى للّه تعالى من أن يقول ذلك. وقد سمعت عليّ بن محمد بن مِهْرُوَيه يقول: سمعت هارون بن هزاري يقول: سمعت سفيان بن عُيَيْنة يقول: مَن أحبَّ أن ينظرَ إلى رجلٍ خُلِقَ من الذَّهب والمِسك فليَنْظُر إلى الخليل بن أحمد... ) أهـ
-    وقال الشافعي في الرسالة : ( ولسان العرب أوسع الالسنة مذهبا وأكثرها ألفاظا ولا نعلمه يحيط بجميع علمه إنسان غير نبي ولكنه لا يذهب منه شئ على عامتها حتى لا يكون موجودا فيها من يعرفه والعلم به عند العرب كالعلم بالسنة عند أهل الفقه لا نعلم رجلا جمع السنن فلم يذهب منها عليه شئ ... ) (1 / 42) .
ـــــــــــــــــــ
مسألة : هل وصلت إلينا اللغة بكليتها ؟
     -  ذهب الشافعي رحمه الله إلى أنه لا يذهب منه شئ قال في رسالته :
 ( ولسان العرب أوسع الالسنة مذهبا وأكثرها ألفاظا ولا نعلمه يحيط بجميع علمه إنسان غير نبي ولكنه لا يذهب منه شئ على عامتها حتى لا يكون موجودا فيها من يعرفه .. ) الرسالة - (1 / 42)
  -  وقال ابن فارس في فقه اللغة : باب القول على أن لغة العرب لم تنته إلينا بكلّيتها، وأن الذي جاءنا عن العرب قليل من كثير، وأن كثيراً من الكلام ذهب بِذهَاب أهله.ذهب علماؤُنا أو أكثرُهم إلى أنَّ الذي انتهى إلينا من كلام العرب هو الأقلُّ، ولو جاءَنا جميعُ ما قالوه لجاءنا شعرٌ كثيرٌ وكلامٌ كثير .... ) أهـ
قلت : لعل كلام الشافعي محمول على أهل زمانه , أو أنه يريد من اللغة ما يقوم به فهم الدين , وكلام ابن فارس واضح فيه مراده أنه يريد بذلك غريب الكلام وما شابه , وقد ضرب أمثلة على ذلك في هذا الباب كرهناً إيرادها خشية الإطالة , وقد قال في نهاية كلامه في المسألة :
( وعلماء هَذِهِ الشريعة، وإن كانوا اقتصروا من علم هَذَا عَلَى معرفة رَسْمه دون علم حقائقه؛ فقد اعتاضوا عنه دقيقَ الكلام فِي أصول الدين وفروعه من الفقه والفارئض. ومن دقيق النحو وجليله. ومن علم العروض الَّذِي يربي بحسنه ودقته واستقامته عَلَى كل مَا يبجح بِهِ الناسبون أنفسهم إِلَى الَّتِي يقال لَهَا: الفلسفة. ولكل زمان علم، وأشرف العلوم علم زماننا هَذَا والحمد لله. ) فقه اللغة - (1 / 13)
ـــــــــــــــــ
أول من صنف في اللغة :
قال السيوطي في المزهر :
( أولُ مَنْ صَنَّف في جَمْع اللُّغَةِ الخليلُ بن أحمد؛ ألّف في ذلك كتابَ العَين المشهور؛ قال الإمام فخر الدين في المحصول: أصلُ الكُتب المصنَّفَة في اللغة كتابُ العين؛ وقد أَطْبَق الجمهور من أهل اللغة على القَدْح فيه. وقال السِّيرافِي في طبقات النحاة - في ترجمة الخليل: عملَ أوَّل كتاب العين المعروف المشهور الذي به يتهيّأ ضبطُ اللغة، وهذه العبارةُ من السِّيرافي صريحةٌ في أن الخليلَ لم يُكَمِّلْ كتابَ العين، وهو الظَّاهرُ لما سيأتي من نَقْل كلام الناس في الطَّعْن فيه، بل أكثرُ الناس أنْكَرُوا كونَه من تصنيف الخليل ..) أهـ .[8]




قال : المصنف :
( الكلام : هو اللفظ المركب المفيد بالوضع ... )
ش :
الكلام جمع كلمة , والكلمات المستعملة في اللغات تتكون ولابد من حروفها المفردة التي اعتبرت أساسا لها .
والكلمة :  لفظ يدل على معنىً مفرد .
-    بعضهم يجعلها ( قول مفرد ) ليكون أعم لأن القول يشمل الملفوظ والمكتوب ويشمل الإشارة والفعل أيضاًً ويصح هذا كله عند اللغويين وأما النحويون فيقتصر الكلام عندهم على اللفظ ولا يدخل فيه الكتابة ولا الإشارة ونحوه , يقول ابن مالك ( واحده كلمة والقول عم ـــ وكلمة بها كلام قد يؤم )
-    يطلق على الجملة التامة المفيدة ( كلمة ) أحياناً ويراد بها الكلام وقد وقع في كلام الله ورسوله في مواضع منها قوله تعالى: ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (64) [آل عمران : 64] قوله صلى الله عليه وسلم : عند البخاري وغيره : (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله عز وجل ) الحديث . وكذا قوله ( صلى الله عليه وسلم ) عند الشيخين وغيرهما : ( كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ) ويقال كلمة الإخلاص وكلمة التوحيد ونحو ذلك فإنه يقصد به الكلام وذكر نحوَه ابن عقيل في شرحه على الألفية , عند قول ابن مالك  ( ... وكلمة بها كلام قد يؤم .
-    فائدة : قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى : ( وَالنَّاسُ لَهُمْ فِي مُسَمَّى " الْكَلَامِ " وَ " الْقَوْلِ " عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ فَاَلَّذِي عَلَيْهِ السَّلَفُ وَالْفُقَهَاءُ وَالْجُمْهُورُ أَنَّهُ يَتَنَاوَلُ اللَّفْظَ وَالْمَعْنَى جَمِيعًا كَمَا يَتَنَاوَلُ لَفْظَ الْإِنْسَانِ لِلرُّوحِ وَالْبَدَنِ جَمِيعًا . وَقِيلَ : بَلْ مُسَمَّاهُ هُوَ اللَّفْظُ وَالْمَعْنَى لَيْسَ جُزْءَ مُسَمَّاهُ بَلْ هُوَ مَدْلُولُ مُسَمَّاهُ وَهَذَا قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ وَطَائِفَةٍ مِنْ الْمُنْتَسِبِينَ إلَى السُّنَّةِ وَهُوَ قَوْلُ النُّحَاةِ لِأَنَّ صِنَاعَتَهُمْ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْأَلْفَاظِ . وَقِيلَ : بَلْ مُسَمَّاهُ هُوَ الْمَعْنَى وَإِطْلَاقُ الْكَلَامِ عَلَى اللَّفْظِ مَجَازٌ لِأَنَّهُ دَالٌّ عَلَيْهِ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ كُلَّابٍ وَمَنْ اتَّبَعَهُ وَقِيلَ : بَلْ هُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الكلابية وَلَهُمْ قَوْلٌ ثَالِثٌ يُرْوَى عَنْ أَبِي الْحَسَنِ أَنَّهُ مَجَازٌ فِي كَلَامِ اللَّهِ حَقِيقَةٌ فِي كَلَامِ الْآدَمِيِّينَ )أهـ .
-    والكلام المقصود به هنا أي عند النحويين وهو : كما قال المصنف : اللفظ المركب المفيد بالوضع , واللغويون يجعلون الكلام : هو القول أو ما كان مكتفياً بنفسه في أداء المراد منه وإن جاز استعمال اللسان معه كما ورد عند البخاري  : ( ثُمَّ قَالَ بِيَدِهِ فَقَبَضَ أَصَابِعَهُ ثُمَّ بَسَطَهُنَّ كَالرَّامِي بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ وَفِي كُلِّ دُورِ الْأَنْصَارِ خَيْرٌ ) ففيه استعمال الإشارة المفهمة مقرونة بالنطق ( أفاده الحافظ ) , والذي يلزمنا الآن هو الكلام عند النحويين , فيخرج منه ما ليس لفظاً ( كالكتابة والإشارة ونحو ذلك ) , ويخرج منه ما كان مفرداً , ويخرج منه ما ليس مفيداً , ويخرج منه ما لم يوضع بالوضع العربي .
-    الكلام منه ما هو واضح ومنه ما هو مشكل فأما الواضح فهو الذي يفهمه كل فاهم للغة العرب ولا يحتاج إلى عناء في فهمه , مثل قول القائل : شربت لبناً ولقيت زيداً وهو أغلب القرآن وهو المحكم والذي يرد إليه النوع الآخر ( المشكل ) , والمشكل : هو الذي يأتيه الإشكال من غرابة لفظه، أو أن تكون فيه إشارة إلى خبر لم يذكره قائله على جهته، أو أن يكون الكلام في شيء غير محدود، أو يكون وجيزا في نفسه غير مبسوط، أو تكون ألفاظه مشتركة مثل قوله تعالى :( وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ) وغير ذلك . ( أفاده ابن فارس في فقه اللغة ) .
-    الكلم : هو ما تركب من ثلاث كلمات فأكثر سواءً أفاد معنى أم لم يفد مثال المفيد : قام زيد , مثال الغير مفيد : إن قام زيد .
-          وسنحل الآن ألفاظ التعريف ( بفضل الله ) عند النحويين :
-   اللفظ : لغة الرمى والطرح : يقال لفظ فلان النواة أي طرحها ورماها من فمه . وعند النسائي وغيره في قصة الرجل الذي وقصته ناقته ( لَفَظَهُ بَعِيرُهُ فَمَاتَ ) .
-    وعند النحْويين : هو الصوت اشتمل على الحروف الهجائية التي أولها الألف وآخرها الياء , سواء كان له معنى أم لا , فكل ما يخرج من اللسان بصوت وحرف فهو اللفظ .
-    وإن قيل ما يخرج بصوت وحرف ولا يكون إلا باللسان فمقصوده كلام البشر وذلك للمشاهدة والمعاينة ولا يقاس عليه كلام الله تعالى فإن القرآن كلام الله غير مخلوق , بصوت وحرف ولا نقول أنه يلزمنا إثبات اللسان لله إذ لا يخرج الصوت والحرف إلا باللسان أو إننا ننفي عنه الصوت والحرف , فهذا غلط , ولو ثبت هذا لآمنا وقلنا كل من عند ربنا , ولا نثبت له ما لم يثبته أو رسوله لنفسه ( جل وعلا ) ولو كان غيره يحتاج إليه فليس يشبهه ( جل في علاه )  أحدٌ من خلقه , فالجن لا ندرى أكان لهم لسان أم لا - وهم من الخلائق والذين يحدث لهم تصور في الأذهان . وكانوا يتكلمون فيسمعهم سليمان ويفهم كلامهم قال تعالى ( قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (39) ) الآيات .
-   بعض أهل العلم من المنتسبين للسنة كانوا يكرهون أن يقال لفظي بالقرآن غير مخلوق منهم الأشعرى وأبو الطيب وأبو يعلى رحمة الله عليهم قالوا إن اللفظ لغة الطرح والرمي فلا ينبغى أن يقال على القرآن لفظ ونسبوه إلى أحمد , وليس صوابا إذ بدَّع أحمد من يقول بهذا لقضية أخرى وهي شمول اللفظ لمعاني أخرى ( غير حروفه ) كصوت القارئ وهو لفظ أيضا فيقال فيه غير مخلوق وهذه بدعة منكرة , كما أفاده شيخ الإسلام في الفتاوى , وليس في قولك لفظ أو لفظة أو لفظ الجلالة ونحوه بأس كما قال تعالى : مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ ق : 18] ومما يلفظ الناسُ القرآن , ودرج على هذا سائر أهل العلم يقولون : ( الله لفظ الجلالة ) , والله تعالى أعلم .
-   يدخل في اللفظ ما كان مهملاً أو مستعملاً ما كان بحرف وصوت سواءً بقصد أم ليس بقصد . مفرداً أو مركباً وسواء كان المركب مفيدا فائدة تامة أم لم يكن مفيداً . مثال المستعمل : زيد , ومهمل : ديز ( مقلوب زيد ) وهما مفردان ومثال المركب المفيد فائدة تامة ( قام زيد ) والمركب الذي لم يفد فائدة تامة : ( إن قام زيد ) .
-   اللفظ قد يراد به الملفوظ وهو الكلام , وقد يراد به الصوت الخارج من اللسان , وقد يراد به حركة اللسان أي الفعل , والمقصود هنا الكلام الذي خرج بصوت وحرف ولهذا لا يجوز أن يقال لفظي بالقرآن غير مخلوق لما فيها من المشاكلة في المعنى كما تقدم .
-   الكلام : لفظ ومعنى وإنما ينسب الكلام للناظم وإن لم يكن الناظم منشئ معناهً , مثل ما يسمع الشاعر من الرجل العامي فينظم من كلامه شعراً , فإنه يُنسب ( الشعر ) إلى الشاعر لا إلى صاحب المعنى , فإذا قلنا كما قالت الكُلاَّبيّة ومن تبعهم أن القرآن نظمه النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أو جبريل ( عليه السلام ) ومعناه قائم بذات الله تعالى , قلنا هذا خطأ لأن الكلام ينسب لناظمه وإن لم يكن منشئ معناه , ومن قال بمثل هذا فقد نال حظاً من قول المشركين :
   ( إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ ) لأن المشركين طعنوا في كونه كلام الله تعالى لفظاً ومعنى وهؤلاء طعنوا في كونه كلام الله لفظاً وبكون معناه من عند الله , وقد احتج الله على المشركين بلفظ القرآن  لما قالوا ( إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ ) فقال لهم :
 ( لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ )
-   يخرج بقوله اللفظ : ما كان كتابة , كما عند الشيخين : ( ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده ) الحديث , أو إشارة كما في صحيح مسلمٍ مرفوعاً ( ثُمَّ قَالَ بِيَدِهِ إِذَا غَابَتْ الشَّمْسُ مِنْ هَا هُنَا وَجَاءَ اللَّيْلُ مِنْ هَا هُنَا فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ ) الحديث , أو فعلاً كما عند البخاري ( ثم قال بيده الأرض فمسحها بالتراب ) , أو كعقد الأصابع كما في قوله صلى الله عليه وسلم عند البخاري ( ... ثم قال بيده فقبض أصابعه ثم بسطهن كالرامي بيده ثم قال وفي كل دور الأنصار خير ) فيخرج ما سبق وإن كان في اللغة كلاماً .
-   قوله المركب : فهو ما أريد بجزء لفظه الدلالة على جزء معناه , سواءً كان لفائدة تامة أو فائدة غير تامة , وأسهل منه ما قيل فيه : قول مؤلف من كلمتين فأكثر لفائدة سواءً كانت تامة أو غير تامة . ومثال المركب التام : الصدق نجاة .
مثال المركب الغير تام : إن تتقن عملك .
·   المركب التام : ما يصح السكوت عليه ولا يحتاج في الإفادة إلى لفظ أخر ينتظره السامع سواءً كانت الإفادة جديدة أو غير جديدة , والمركب الغير تام : هو ما لا يصح السكوت عليه ويحتاج إلى لفظ آخر ينتظره السامع ليتم المعنى , وهو إما تقييدي ( إن كان الثاني  قيداً للأول ) , كالحيوان الناطق , وإما غير تقييدي , كالمركب من اسم وأداة نحو : في الدار , أو كلمة وأداة نحو : قد قام ( أصلها قد قام زيد ) .
·   المركب : قد يكون تحقيقاً وهو الظاهرة مفرداته كما في قولك : قام زيد , فمفرداته ظاهرة وهي : قام , زيد , وإما أن يكون تقديراً , وهو المقدرته بعض مفرداته , كقولك . قُمْ , فـ قم أصلها قم أنت , لكنها مقدرة .
·       أنواع المركب : الإسنادي , الإضافي , البياني , العطفي , المزْجيّ , العددي .
-         بعضهم جعل الأنواع خمسة ودمج بعضهم في بعض .
-   المركب الإسنادي : ويسمي الجملة أيضاً , وهو الحكم بشي على شئ , كالحكم على محمد بالإجتهاد فتقول : محمد مجتهد , فمحمد هو المسند إليه والإجتهاد هو المسند , إذن أطراف المركب الإسنادي أو الجملة : المسند : وهو ما حكمت به على شئ ( الإجتهاد ) = المحكوم به . والمسند إليه هو : الفاعل ونائبه والمبتدأ واسم الفعل الناقص واسم الأحرف التي تعمل عمل ( ليس ) واسم (إن) وأخواتها , واسم لا النافية للجنس .
المسند إليه : وهو ما حكمت عليه بشئ ( محمد ) = المحكوم عليه . والمسند هو : الفعل واسم الفعل وخبر المبتدأ وخبر الفعل الناقص وخبر الأحرف التي تعمل عمل ليس وخبر إن وأخواتها .
·   المركب الإضافي : هو ما تركب من المضاف والمضاف إليه , مثل ( قيام الليل , صوم النهار , كتاب التلميذ ) , وحكم الجزء الأول منه يكون على حسب موقعه في الجملة , حكم الجزء الثاني : مجرور مطلقاً .
·   المركب البياني :كل كلمتين كانت الثانية موضحة معنى الأولى منهما , وهو أقسام ثلاثة : وصفي , توكيد , بدلي .
-   مركب وصفي : وهو ما تألف من الصفة والموصوف مثل : ( فاز التلميذُ المجتهدُ, أكرمت التلميذَ المجتهدَ , مررت بالتلميذِ المجتهد )
-   مركب توكيدي : وهو ما تألف من المؤكِّد والمؤكَّد , مثل : ( جاء القوم كلهم , وأكرمت القوم كلهم , أحسنت إلى القوم كلهم )
-    مركب بدلي : وهو ما تألف من البدل والمبدل منه مثل : ( جاء خليلٌ أخوك , رأيت خليلاً أخاك , مررت بخليلٍ أخيك ) .
-         حكم الجزء الأول منه حسب موقعه في الجملة والجزء الثاني يتبعه في الإعراب  .
·   المركب العطفي : ما تألف من المعطوف والمعطوف عليه , بتوسط حرف العطف بينهما , مثل : ( ينال التلميذُ والتلميذةُ الحمد والثناء , إذا ثابرا على الدرس والإجتهاد )
·       - وأطرافه : المعطوف وهو ما قبل الحرف ,
               والمعطوف عليه : وهو ما بعد حرف العطف .
               وحرف العطف : وهو ما يتوسط المعطوف والمعطوف عليه : مثل ينال الطائع والطائعة الثواب الجزيل .
الطائع : المعطوف .
الطائعة : المعطوف عليه .
الواو :  حرف العطف الذي توسط بين المعطوف والمعطوف عليه .
حكمه : ما قبل حرف العطف يكون على حسب موقعه في الجملة , وما بعد الحرف يتبع ما قبله إعراباً .
·   المركب المزْجيِّ : كل كلمتين ركبتا وجعلتا كلمة واحدة , مثل ( بعلبك , وبيت لحم , وحضرموت , صباح مساء , شذر مذر ) .
·   - إذا كان المركب المزجي علماً أُعرب الجزء الثاني منه إعراب ما لا ينصرف , مثل : ( بعلبكُّ بلدة طيبة الهواء ) , ( سكنتُ بيتِ لحم , وسافرت إلى حضر موتَ ) ويستثني من ذلك ما كان علماُ ينتهي بـ ( ويه ) كـ سيبويه , راهويه ) فإنها تكون مبنية على الكسر .
·   - إذا كان المركب المزجي غير علمٍ يصبح مبني الجزءين على الفتح , مثل : ( زرني صباحَ مساءَ ) وصباح مساء هنا مبنيان على الفتح في محل نصب على الظرفية , ( أنت جاري بيتَ بيتَ ) فـ بيت بيت هنا مبنيان على الفتح في محل نصب على الحال .
·   المركب العددي : وهو كل عددين بينهما حرف عطف مقدر , ويعتبر من المركبات المزجية إذ هما كلمتان جعلتا كلمة واحدة إلا أن بينهما حرف عطف مقدر وهذا الذي يفرقه عن المركبات العطفية .
·   - المركبات العددية تقتصر على الأرقام من أحد عشر إلى تسعة عشر , وكذلك ما كان على وزن فاعل : من الحادي عشر إلى التاسع عشر .
·   - لا يدخل فيها الأعداد من الواحد والعشرين إلى التسعة والتسعين إذ حرف العطف فيها ظاهر وليس مقدراً .
·   - الأعداد : من أحد عشر إلى تسعة عشر يلزم حالة واحدة أي أنه يبنى على فتح جزءيه سواء كان موقعه في الجملة الرفع أو النصب أو الجر
·   -  يستثنى منهم ( الإثنا عشر ) فالجزء الأول يعرب إعراب المثنى : يرفع بالألف , وينصب ويجر بالياء , والجزء الثاني : مبني على الفتح , ولا محل له من الإعراب , فهو بمنزلة النون من المثنى .
·   - ما كان من الأعداد على وزن فاعل ( أي من الحادي عشر : التاسع عشر) : فهو مبني على فتح الجزءَين , رفعاً ونصباً وجراً .
·   - يستثنى من هذا الأعداد ( مما كان على وزن فاعل من الأعداد ) ما كان جزؤه الأول منتهياً بياء , فيكون الجزء الأول مبنياً على السكون , والجزء الثاني مبني على الفتح كغيره وهما رقمي : الحادي عشر والثاني عشر .
·       - حكم العدد مع المعدود :
·       - الواحد والإثنان يوافقان المعدود تذكيرا وتأنيثاً ( سواءً جاءا مفردين أو مركبين ) .
·       - من ثلاثة إلى تسعة يخالفون المعدود تذكيراً وتأنيثاً ( إفراداً وتركيباً )
·       - العشرة تخالف المعدود إفراداً وتوافق المعدود تركيباً ( أي مع عدد أخر كـ ( أحد عشر كوكباً ) .
·       - الأعداد التي على وزن فاعل ( الحادي , الثاني , الثالث , ,,, ) توافق المعدود .
·       - حالة الشين في العشر والعشرة : مفتوحة مع المعدود المذكر , وساكنة مع المعدود المؤنث .
·   قوله المفيد : أي ما أفاد فائدة يحسن السكوت عليها بحيث لا ينتظر السامع ما تحصل به الإفادة , سواء كانت الفائدة جديدة أو غير جديدة . مثال المفيد : قام زيد , ومثال غير المفيد : إن قام زيد , ومثال المفيد فائدة غير جديدة : وكأننا والماء من حولنا ... قوم جلوس حولهم ماء .
·    قوله بالوضع : الوضع لغة : الإسقاط تقول وضعت الدين عن فلان أي أسقطته عنه , وفي الإصطلاح : جعل اللفظ دليلاً على المعنى , ويستخرج من هذا أمور : أن يكون اللفظ موضوعاً بالوضع العربي فيخرج منه الوضع التركى والبربري وسائر اللغات الأجنبية , ونحن إذا قلنا بالوضع العربي أي أن اللفظ معلوم عند أهل العربية فلا يأتى أحد فيلفظ ألفاظاً ليست معروفة عند العرب أنها كلام فيقول أن هذا من جنس الكلام , وأن يكون واضعه قاصداً وضعه , فيخرج منه كلام السكران والمجنون والنائم والهاذي .
·   إذن لابد من أربعة قيود : أن يكون لفظاً , مركباً , مفيداً , موضوعاً بالوضع العربي . فيخرج بقولنا لفظ : ما كان كتابة , أو إشارة , أو عقد أصابع , ويخرج بقولنا مركب : ما كان مفرداً , ويخرج بقولنا مفيد : ما ليس بمفيد كـ إن قام زيد , ويخرج بقولنا بالوضع : ما كان موضوعاً بغير العربية أو كان من غير قصد .
ــــــــــــــــــــ







[1]  _   يؤخذ من قدمائهم كامرؤ القيس وعنترة وحسان وغيرهم , وقيل أخر من يستدل بكلامه هو الشاعر العباسي إبراهيم بن هرمة , ولا يعتبر بقول المتأخرين منهم اللهم إذا خالف نصاً صحيحاً , أو من يحتج بهم , وكذلك إذا خالف من يحتج بهم من هم أوثق وأقدم وأكثر , وذلك كفعل الأخطل النصراني فقد قال شعراً مذموماً – منسوباً إليه – مردوداً عليه وأنكره جهابذة النقاد من العرب قال : استوى بشر علي العراق من غير سيف أو دم مهراق . قاصداً استولى وهذا ليس معروفاً في لغة العرب أي استخدام استوى بمعنى استولى , وقيل ليس من شعره بل هو منسوب إليه , ولابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية كلام ماتع في هذا المقام فانظر غير مأمور, والله تعالى أعلم  .

([1]  وقد أسقط بعض أهل اللغة الاستشهاد بشعر زيد بن عدي العبادي رغم أنه من العصر الجاهلي لتأثره بلغة بعض العجم , وقيل أن بعضهم أسقط شعر الأعشى ذاته لذلك أيضاً , وأخر من يستشهد به من الشعراء هو إبراهيم بن هرمة المتوفى عام 150هـ , وأول الشعراء الذين لا يحتج بشعرهم في قواعد اللغة هو بشار بن برد , وإنما يؤتي بشعر فحول العرب للاستئناس لا للاحتجاج , أما في البادية الذين لم يختلطوا بالعجم فامتد الاستشهاد بشعرهم حتى منتصف المائة الرابعة من الهجرة . ولا يحتج بالمجهولين منهم , ولا بمن له روايتان متناقضتان , أفاده الشيخ سعيد الأفغاني في الموجز - (1 /7:5) . والله تعالى أعلم .



[3]  -   المقصود بالوضع هنا أي مبدأ تصنيفه فلم يعرف أن صنف أحد في جمع علومه قبلُ , ولا يقصد بذلك  أنه ألف مفرداته وتراكيبه التي لم تكن قبل فهذا باطل إذ اللغة العربية  مستعملة ( الخلائق )  منذ آدم ( عليه السلام ) إذ علمه الله الأسماء كلها وسيأتي طرفاً من ذلك عند الكلام على أصل اللغة .

[4]  -   وقيل هذا سبب تسميته بالنحو والله تعالى أعلم  .

[5]   -   وحكاه ابن فارس بلاغاً عن أبي الأسود الدؤلي : قال في فقه اللغة : ولقد بلَغنا عن أبي الأسود الدؤلي    أن امرءاً كلَّمه ببعضِ ما أنكَره أبو الأسود؛ فسأله أبو الأسود عنه، فقال: هذه لغةٌ لم تَبْلُغْك، فقال له: يا بن أخي؛ إنه لا خيرَ لك فيما لم يَبْلُغْني، فعرَّفَه بلُطْف أن الذي تكلَّم به مُخْتَلَق ) أهـ


[6]   -   هذه المسألة مستفادة جملتها من شرح الروضة للشنقيطي ( المذكرة ) , وفقه اللغة لابن  فارس , والتخصيص لابن جني , والمزهر للسيوطي , وأسرار البلاغة لعبد القاهر الجرجاني .

[7]  -   وانظر فقه اللغة لابن فارس , وجامع الدروس العربية للغلاييني .



[8]  -   هذه المباحث مستفادة من التخصيص لابن جني , وأسرار البلاغة للجرجاني , وفقه اللغة لابن فارس , والمزهر للسيوطي , وجامع الدروس العربية للغلاييني , وشرحي الآجرومية للعثيمين و الهاشمي , والقواعد الأساسية للهاشمي أيضاً , وشرح روضة الناظر للشنقيطي . ‏26‏/01‏/2010