الأخبار

السبت، 13 أكتوبر 2012

من مشاهد الإنكسار والاستسلام للواقع الأليم: [مشاهد وأنماط2]


مشاهد وأنماط من أفهام مظلمة (2)

من مشاهد الإنكسار والاستسلام للواقع الأليم:


الحمد لله وبعد:

كنا قد تحدثنا في المقال السابق: عن تلكم المناظرة.

 والشاهد فيها أن المناظر إياه ظن أن نصرة الإسلام هو إخفاء بعض الحقائق الشرعية أو تأويلها أو التغافل عنها لإرضاء الكافر عن ديننا .. رغم أنه إذا رضي الكفار فسيكون رضاهم:

-        إما تقية وخداعا.

-        أو رضاهم عن دين مشوَّه ليس هو الإسلام.

وفي هذا الجزء – بإذنه تعالى - نذكر مثالا آخر على تلك الأفهام البائسة السخية بجهالة حقيقة دينهم, في التعبير عن دينهم والدعوة إليه.

فالدين الحق: هو الذي شرعه الله تعالى والذي لا يقبل سواه بأوامره ونواهيه ملة حنيفية كلها حق وعدل وخير وإحسان وعزة أهلها وقد قال تعالى: [ ألا يعلم مَنْ خلق وهو اللطيف الخبير].

ويستأنس بذلك ما يروى أن وفد بني الحارث بن كعب أتوا النبي – صلى الله عليه وسلم – مسلمين: فقال لهم: [« أنتم الذين إذا زجروا استقاموا » ، ثم قال ذلك ثلاثا ، حتى أجابه يزيد بن عبد المدان : نعم ، فقال : « لو أن خالدا لم يكتب إلي أنكم أسلمتم ولم تقاتلوا لألقيت رءوسكم تحت أقدامكم » ، فقال يزيد بن عبد المدان : أما والله ما حمدناك ، ولا حمدنا خالد بن الوليد ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « فمن حمدتم ؟ » قال : ثم قالوا : حمدنا الله عز وجل الذي هدانا بك ، فقال : « صدقتم » دلائل النبوة للبيهقي (6/ 11)

وفي الأثر: أن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – قال: [لما توفى رسول الله  - صلى الله عليه وسلم -  وارتدت العرب فقال بعضهم : نصلى ولا نزكى وقال بعضهم : لا نصلى ولا نزكى ، فأتيته – أي أبا بكر - ولا آلو نصحا فقلت : يا خليفة رسول الله تألف الناس وارفق بهم ، فقال : جبار فى الجاهلية خوار فى الإسلام فيما ذا أتألفهم أبشعر مفتعل أو سحر مفترى قبض رسول الله  - صلى الله عليه وسلم -  وارتفع الوحي فوالله لو منعوني عقالا مما كانوا يعطون رسول الله  - صلى الله عليه وسلم -  لقاتلتهم عليه فقاتلنا معه ، وكان والله رشيد الأمر] عزاه المتقي الهندي لــ (الدينورى فى المجالسة ، وأبي الحسين بن بشران فى فوائده ، والبيهقى فى الدلائل ، واللالكائى فى السنة ، وابن عساكر) [كنز العمال 35615]وأخرجه ابن عساكر (30/80) . ترقيم جامع الأحاديث.

مثال واقعي على الأفهام البائسة:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فمن طامات الحريصين- بجهالة -: أنهم بعد أن قام الكفار المجرمون المحاربون بسب نبينا – صلى الله عليه وسلم - الذي جاء بالذبح وقال: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله) في الصحيح.

أخذوا ينشرون وريقات ويوزعونها على الناس فيها أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم - تواضعه وخلقه وما شابه!

فظنوا أن الكمال والتخلق في التواضع فقط, أو في ضحكه فقط - صلى الله عليه وسلم - أو في زهده أو إثاره غيره, أو رحمته بالناس, والحقيقة أن الاقتصار على هذا أو إظهاره للناس مفردا: خطأ محض بل هو ضلالة وتضليل يذهب الأمة عن معرفة حقيقة نبيها - صلى الله عليه وسلم – وواجباتها نحوه وأمره لهم في تلكم الأحوال, فيشعر الناس أن حزننا لسب نبينا – صلى الله عليه وسلم – هو مجرد عاطفة على مخلوق غاية في الأخلاق الحسنة وأن من فعل ذلك فهو مخطئ جاهل بحقيقته وفضله فوجب تعريفه بالنبي – صلى الله عليه وسلم -.

وفي الحقيقة: الأمر خلاف ذلك فلم يدافع الصحابة ولا المجاهدون وفي شتى القرون حتى يومنا هذا لكون النبي – صلى الله عليه وسلم – حسن الخلق أو كان رحيما, بل يدافعون عنه لكونه رسول الله وخاتم النبيين الذي أرسله جبار السموات والأرض فمن سبه وجب تقصده بالقتل ولو كان من آل البيت – حاشاهم -.

ولذلك يقول شيخ الإسلام في منهاج السنة النبوية (6/ 138)

وكان نبينا صلى الله عليه و سلم مبعوثا بأعدل الأمور وأكملها فهو الضحوك القتال وهو نبي الرحمة ونبي الملحمة بل أمته موصوفون بذلك في مثل قوله تعالى: {أشداء على الكفار رحماء بينهم } وقوله تعالى: { أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين } فكان النبي صلى الله عليه و سلم يجمع بين شدة هذا ولين هذا فيأمر بما هو العدل وهما يطيعانه فتكون أفعالهما على كمال الاستقامة]أهــ

وكأنه لم يصلهم حديث الترمذي: الذي فيه أنه قال وهو في مكة – ولم يكن الجهاد حينها مشروعا - لصناديد قريش وهو يشير بيديه: ((استمعوا يا معشر قريش لقد جئتكم بالذبح حتى لم يبق رجل منهم إلا وكأنه على رأسه الطير وإن أشدهم عليه ليقول اذهب يا أبا القاسم - لاحظ مناداته بكنيته ممن يشتد عليه بعد توعدهم - اذهب يا أبا القاسم فإنا ما عهدناك جهولا, وهو يقول لقد جئتكم بالذبح )) دلالة على استمراره في قولها حتى مع دفعهم إياهم برفق ولين. فكان ذلك نكاية بالكافرين. !

وكذا ما روي عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: ( اسمه في التوراة: أحمد الضحوك القتال، يركب البعير ويلبس الشملة ويجتزي بالكسرة سيفه على عاتقه ) أي الضحوك في وجه المؤمن القتال لهامة الكافر.

ويقول ابن القيم في زاد المعاد (1/ 87)

[ وأما الضحوك القتال فاسمان مزدوجان لا يفرد أحدهما عن الآخر فإنه ضحوك في وجوه المؤمنين غير عابس ولا مقطب ولا غضوب ولا فظ قتَّال لأعداء الله لا تأخذه فيهم لومة لائم]

فوقعوا في دين السلام العالمي والذي مراده – الحالي فقط – ألا يسب أحد ولا يمدح لمجرد مخالفته الدينية وألا تكون التفرقة على أساس الدين والنوع وهي خطة مؤقتة بعدها يتم تطبيق إعلان الدولة الدينية اليهودية أو الصليبية, فدنسوا الفطر فانتكست فلو أنهم حاولا تطهير الفطر بما سبق بيانه لكان خيرا لهم وأحسن تأويلا. (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير )؟
((قل أأنتم أعلم أم الله))؟ , ((قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السموات ولا في الأرض))؟


 ملاحظة: أطلقوا على بعض الأنظمة الطاغوتية اسم الدولة الدينية وكأنهم ارتضوها لماذا؟

هل يريدون أن يعلنوا بدورهم الدولة الدينية؟

سؤال يحتاج إلى مقال!

ــــــــــــــــــــــــ


والحمد لله رب العالمين

كتبه أبو صهيب الحنبلي.

هناك تعليق واحد: