الأخبار

الاثنين، 17 ديسمبر 2012

مفاهيم لأسلمة الفهوم. [المفاهيم العشر لأسلمة فهوم العصر]



المفاهيم العشر لأسلمة فهوم العصر.
الحمد لله وبعد:

بعد أن ابتلينا بفتنة عمّتَ وصمَّت حتى لم تترك لنا إلا ثلة نجاها الله بفضله ورحمته وهي فتنة الديموقراطية التي أذهبت المعاني وميعت المصطلحات وكثرت فيها التأويلات وهان التحريف وصارت الأحكام الشرعية - في أذهان الديموقراطيين - عاجزة عن توصيف النوازل والحكم فيها وصار الشرك ضرورة, وإذا ذكر الجهاد قيل حرمة الدماء وصارت الشبهات حجة وصارت الاستثناءات أصلا, وكنا قد رددنا على شبهاتهم ولسنا بأول من فعل رأيت أن ألخص المفاهيم في عشر أصول علها تكون نافعة لنا ومذكرة لغيرنا ونسأل الله الهداية والثبات.
فنقول لكي تستبين الحقائق الشرعية لابد من اعتبار أمور:
1- أن مجرد التشابه في الأفعال دون الخضوع والاستسلام الخالص لا ينجي من الشرك ويمثل في ذلك بالنصارى إذ يطلق بعضهم لحاهم - القساوسة - وبعض نسائهم - الراهبات - يتحجبن استسلاما لمعبودهم .. وهذا شرك في ذاته وليس عبادة.

2- أن الشرك هو أعظم مفسدة ولا يترخص فيها إلا في الإكراه الملجئ وهو ما يكون فوق الطاقة كالقتل والتعذيب الشديد. ولا خلاف بين الأمة فيه ذكره ابن القيم في إعلام الموقعين.

3- أن الكفر يكون بالقول أو العمل أو الاعتقاد أو الترك [ إجماعا ] ويقر بذلك كثير من المصوتين ولا يقتصر على الرضا فقط والذي محله القلب كما غلط فيه المجوزون, فلو أن رجلا أشرك بفعله كأن سجد لمقبور وقال أنا لا أقره إلها لم يقبل ذلك منه بل هو مشرك وكان المشركون يقولون: [ ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى ] فاعتبار القصد اعتبار فاسد بل إنه لا يريد الكفر أحد إلا ما شاء الله كما قال ابن تيمية في الصارم المسلول.

4- أن المصوت [بنعم أو بلا] هو ممارس - في الحقيقة - لوظيفته التشريعية ولسطلته فهو يحلل ويحرم بالقبول أو الرفض للدستور, كما أن واضعه لم يستمد مواده انقيادا أو استسلاما لله تعالى ولو كان ذلك ما جعله محل استفتاء الشعب الذي هو مصدر السلطات.

5- أنه لن يحصل الرضا ولن تأمن مكر أهل الكفر ولن تُدرأ الفتن إلا بالجهاد لإعلاء كلمة الله, كما في قوله تعالى: [وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله] كما يقول تعالى: [ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم] قال البغوي: [، معناه وإنك إن هادنتهم فلا يرضون بها وإنما يطلبون ذلك تعللا ولا يرضون منك إلا باتباع ملتهم] معالم التنزيل للبغوي. ولذلك قال بعدها [قل إن هدى الله هو الهدى]. والهدى الجهاد في سبيله لإعلاء كلمته. روى ابن أبي حاتم عن قتادة : ( قل إن هدى الله هو الهدى) قال : ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : « لا تزال طائفة من أمتي يقتتلون على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله » تفسير ابن أبي حاتم.

6- أنه لو كان يصلح ذلك الطريق السهل اليسير لكان أحق الناس به النبي – صلى الله عليه وسلم – فهو أحق الناس بكل خير وأحرص الناس وأشدهم رحمة بأمته  والذي قال الله فيه: [ وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم ] وقال: [وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين] فإن الله أرسل الرسل بحكمة وسبب ولينتفع الناس ميسرين لا معسرين وكان يقول محمد صلى الله عليه وسلم [ ما تركت من شيء يقربكم إلى الجنة إلا وقد حدثتكم به ولا من شيء يبعدكم عن النار إلا وقد حدثتكم عنه ] وقال [ ما بعث الله من نبي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه خيرا لهم وينهاهم عن شر ما يعلمه شرا لهم ] كما عند مسلم. وكان يقول: [ما خيرت بين شيئين إلا اخترت أيسرهما] ومع ذلك لم يرخص النبي – صلى الله عليه وسلم – لهم في حصار شعب أبي طالب أن ينطقوا أو يقروا ولو بالكلمة [بالكفر] وما أدراك ما حصار شعب أبي طالب.والذي كان سنة تسع من النبوة أي قبل الهجرة.

7- أن الشدة والبلاء سنة كونية لا تنفك عن الأمة ولا يأتي النصر إلا بعد الثبات كما قال تعالى: {أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب], وسئل الشافعي: أيبتلى المرء أم يمكن؟ قال لا يمكن حتى يبتلى] وهذا مصداقا لوعد الله تعالى, [وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم .. ] الآية. قال أبو العالية في هذه الآية: مكث النبي صلى الله عليه وسلم بمكة بعد الوحي عشر سنين مع أصحابه، وأمروا بالصبر على أذى الكفار، وكانوا يصبحون ويمسون خائفين، ثم أمروا بالهجرة إلى المدينة، وأمروا بالقتال وهم على خوفهم لا يفارق أحد منهم سلاحه، فقال رجل منهم: ما يأتي علينا يوم نأمن فيه ونضع السلاح؟ فأنزل الله هذه الآية  { وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم } تفسير البغوي (6/ 57)

8- يقول بعضهم: سيكفر الناس وينتشر الشرك إذا لم نصوت, والجواب: إن كفر الناس ليس مدعاة لأن نشاركهم فيه فلا نشرب الخمر لنوعظ الناس بكونه حراما أو خبيثا بل ننهاهم ونحن مجتنبون مبغضون له, ثم إذا أمرناهم بالمعروف ونهيناهم عن المنكر فالأمر كما قال تعالى: { يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم }, قال أبو جعفر الطبري: يقول تعالى ذكره: يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم فأصلحوها، واعملوا في خلاصها من عقاب الله تعالى ذكره، وانظروا لها فيما يقربها من ربها، فإنه"لا يضركم من ضل" ، يقول: لا يضركم من كفر وسلك غير سبيل الحق، إذا أنتم اهتديتم وآمنتم بربكم، وأطعتموه فيما أمركم به وفيما نهاكم عنه، فحرمتم حرامه وحللتم حلاله.] تفسير الطبري (11/ 138)

9- يقول قائلهم: إن لم نفعل قامت حرب أهلية وحرمة الدماء ووجوب حفظها, والجواب من وجوه:
الأول: أن خير ميتة هي أن تموت من أجل إعلاء كلمة الله تعالى, وقد سئل النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ] كما في الصحيح.
الثاني: أن الجهاد اليوم هو جهاد دفع ليس طلبا كما أن الجهاد هو سبيل العزة وبانقطاعه يحل الذل والمهانة كما هو الحال, وفي الحديث: [ إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم ] كما في السنن. ومثله قوله: [ يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعي الأكلة على قصعتها ] ثم علل السبب بقوله: [حب الدنيا وكراهية الموت].
الثالث: أن حفظ الدين [الإسلام] الذي لا يقبل الله سواه مقدم على كل شيء, إجماعا.
الرابع: أنه لم يبق شيء نخشى عليه فالدين يسب صباح مساء وشريعة الرحمن تسفه ويسخر منه وهجموا على المساجد غير مرة آخرهم هجوم العلمانيين والصليبيين على مسجد القائد بالاسكندرية وحاصروا الشيخ المسن المحلاوي, وغاية ما نفعل هو نشرها حتى نبين للناس أن هؤلاء لا يحبون الإسلام ورغم ذلك تنعتوهم بالمسلمين. فماذا بعد.
الخامس: أن  الدماء قد سفكت فذبح أحد دعاة وكان عاجزا وقيل اغتصبت زوجته, وفي العباسية قتل بعض السلفيين وأصيب أخرون ومن الإخوان سبعة أو أكثر وأصيب ما يقرب من عشرين في الاتحادية, وسب ومحاولات للتحرش ببعض المنتقبات والمختمرات لمجرد ظن انتسابهن للسلفية والإخوان رغم أن دائرة النقاب والخمار أوسع من الاقتصار على التيارين.

10- فإن قال قائل: لا نستطيع ولا نملك .. قلت: وإن كان هذا مجانبا للحقائق فنقول الدفع لا يشترط فيه القدرة .. ثم أن الله تكفل لنا بالنصرة إذا نصرناه كما قال: [إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم] فشرط للنصرة الإقدام على نصرة دينه سبحانه, والذي يعجز فعليه الهجرة كما فعل النبي – صلى الله عليه وسلم – فإن لم يكن فالعدة, قال شيخ الإسلام: [ يجب الاستعداد للجهاد بإعداد القوة ورباط الخيل في وقت سقوطه للعجز, فإن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب] مجموع الفتاوى. قلت وفي ذلك قوله تعالى: [ وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم], وإرهاب العدو يحصل بمجرد بذل الجهد في الإعداد روى الطبري عن رجاء بن أبي سلمة قال: لقي رجل مجاهدا بمكة، ومع مجاهد جوالق [أوعية] قال: فقال مجاهد: هذا من القوة! ومجاهد يتجهز للغزو. تفسير الطبري (14/ 34)
ــــــــــــــــــ
وأخيرا أقول: قد يقول قائل: أين أنت من سائر قولك هذا ؟

أقول: أشهد أني مقصر لكن لأن أكون قاعدا ظالما لنفسي أقرب وأحب إلي من أن أكون من المخذلين, ولئن سألني ربي عن تقاعسي وقعودي لأخف وأقرب من أن يسألني عن كتماني الحق أو تحريفه, وكما يقال:

[لأن أكون ذيلا في الحق .. أحب إلي من أن أكون رأسا في الباطل] وليتني ذيلا ... نسأل الله الهداية والثبات.
ـــــــــــــ
والحمد لله رب العالمين.
وكتبه: أبو صهيب الحنبلي.

هناك تعليق واحد: